إذ يرجع قلبه عن صانعه فالكبرياء أول الخطاء و من رسخت فيه فاض أرجاسا
(سيراخ 10 : 15)
الغراب المسكين وكلمات المديح
vاشتم ثعلب جائع رائحة جبن فاشتهى أن يذوقها. تطلع حوله فرأى غرابًا يمسك بمنقاره قطعة من الجبن
اختطفها من سلة فلاح كانت على رأسه وهو في طريقه إلى السوق ليبيعها.
vجرى الثعلب نحو الغراب الواقف على أحد فروع الشجرة، ولم يكن بعد قد بدأ يأكلها.
vتساءل الثعلب الماكر في نفسه كيف يقدر أن يأخذ نصيبًا من هذا الجبن الشهي، والغراب يقف على فرع
شجرة عالية.
قال الثعلب للغراب:
"كم أنا سعيد برؤياك أيها الأخ العزيز الغراب.
لونك الأسود اللامع جميل للغاية، من يقدر أن يأتي بصبغة سوداء برّاقة مثل لونك؟!
منقارك أصفر كالذهب النقي.
مخالبك تبرق كالفضة المصفّاة.
كلكَ جميل يا أخي الغراب،
من يشبهك يا أيها الصديق العزيز؟!
سمعت أمرًا واحدًا يحزنني، وهو أن صوتك مزعج، تعجز عن أن تتغنى وتنشد.
هل يمكن لكل هذا الجمال ألا يقدم أغنية جميلة؟!
إني غير مصدق لما سمعته عنك".
vإذ سمع الغراب ذلك فتح فاه وسقطت قطعة الجبن من منقاره، فالتقطها الثعلب.
قال الغراب: "أيها الأخ الثعلب. إنني سأقدم لك أغنية لتعرف إنني إن أردت أستطيع أن أغني. لتصغِ ولتتمتع بأغنيتي".
vلم ينتظر الثعلب كثيرًا، بل قال للغراب:
"يا لك من غراب غبي.
فإنك تصدق كلمات المديح.
إن صوتك مزعج، وشكلك قبيح.
إن أجمل ما لديك هو قطعة الجبن التي سقطت من منقارك.
لم تعد من نصيبك، بل هي من نصيبي!"
vتعلم الغراب المسكين درسًا لن ينساه، ألا يصدق كلمة مديح من مخلوق ما.
V V V
مجدًا من العالم لست تطلب يا خالق كل المسكونة،
يا أيها الممجد من السمائيين والأرضيين.
هب لي ألا أطلب كلمة مديح من إنسانٍ،
ولا أشحذ لطفًا من خليقةٍ ما.
أنت وحدك تهبني شركة الأمجاد السماوية.
أنت وحدك تشبع أعماقي بلطفك الصادق!
أنت هو مجدي وكرامتي!
أنت إكليلي الأبدي.
من كتاب أبونا تادرس يعقوب