يعطي الحرارة
بسبب ظرف طارئ لم تستطع الأرملة الفقيرة أن تذهب إلى الكنيسة كعادتها لحضور أحد الاجتماعات المسائية فتركت وحيدها الصغير يذهب مع جارتها وأوصته أن يصغي جيدآ لما يسمعه حتى يعيده على مسامعها عند عودته ..عاد الطفل الصغير إلا انه كان قد نسى كل ما سمعه ..سألته أمه "قل لي عن ماذا تحدثت الواعظة"..حاول أن يتذكر..حاول باجتهاد ..وأخيراً قال لها "أعتقد أن الحديث كان عن الغطاء الآخر"..لم تقدر الأم أن تعرف أي غطاء يقصد فطرقت باب جارتها ثم سألتها..أجابتها قائلة :لقد كان الحديث عن كلمات الرب يسوع "أنا أطلب من الآب فيعطيكم معزياً آخر ليمكث معكم إلى الأبد "(يو 16:14)..كان الحديث عن الروح القدس ..كان الطفل الصغير يحلم بغطاء جديد يحميه هو وأمه من البرد بعد أن تهرأ جداً غطاؤهما القديم فاستنتج أن المعزي الآخر الذي يقصده الواعظ هو الغطاء الذي يحتاجه !! ألا تبتسم معي لبساطة هذا الطفل ؟!!..لكن ألا تقول لنا إجابته شيئاً هاماً يتعلق بالروح القدس !!نعم فالروح القدس يشبه بالفعل الغطاء !!فهو عندما يعمل في النفس يغطيها بحرارته !!هو يفعل أكثر ..يشعلها في حبها للذي فداها يلهبها في عبادتها يملؤها بغيرة نارية لربح النفوس .. آه كم من المؤمنين يحتاجون إلى التمتع بهذا الغطاء ..كم من المؤمنين يحزنون الروح القدس بسبب فعلهم أموراً يبغضها ، وكم منهم يطفئونه بسبب تجاهلهم لما يطلبه منهم ..كم هم الذين يحزنونه ويطفئونه فلا يتمتعون به كأعظم غطاء يدفئ حياتهم ؟!! الروح القدس يعطي حرارة للنفس لذا فهو يشبه بالنار فهو مثل النار التي تأتي على قطعة الفحم السوداء فتحولها وأي تحول !!من قطعة سوداء يتسخ بها كل من يلمسها إلى قطعة متوهجة تضئ وتدفئ من يقترب إليها ..اطلب دائماً من الآب السماوي أن تكون ممتلئاً "بالروح المعزي"..اطلب بإلحاح وثقة ولا تنس أن كلمة "معزي" في أصلها اليوناني تعني أكثر بكثير من التعزية ..فهي كلمة "باراقليط"التي تشمل أيضاً المساعدة والشفاعة والمحاماة والتقوية ..
أبي "أبو التعزية" أشكرك جداً من اجل الروح القدس المعزي المساعد الشفيع المحامي والذي يملؤني بالقوة .. أبي .. ليعمل روحك في أعماقي فيسدد كل احتياج في الداخل ويعزيني جداً فلا يعوزني شئ ..أبي ليشعلني روحك الناري حتى أكون دائماً لمدح مجدك في كل ما أقوله أو أعمله ..وأحيا ملكوتك ليس بكلمات بل بقوة ..أبي ..املأني بروحك ..حتى يرى الناس غنى السماء معلناً في حياتي ..كنزاً في آنية خزفية ..قوة تكمل في ضعفي ..فأكون نوراً يسطع في الظلام نوراً يعلن الخبر السار بالغفران والشفاء والحرية ..وناراً تدفئ من يأتي إليها هارباً من برودة الخطية ***