هل الناسوت متحد باللاهوت حتى الآن ؟

هل الناسوت متحد باللاهوت حتى الآن ؟
وما هي طبيعة هذا الاتحاد الآن ؟
بقلم/ القس عبد المسيح بسيط أبو الخير

نقول في القداس الإلهي " أن لاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين، فقد تم التجسد الإلهي في اللحظة الأولى للحبل بالمسيح في بطن العذراء ومن ثم قالت لها أليصابات " من أين لي هذا أن تأتي أم ربي إلى " ونقول في قانون الإيمان " تجسد من الروح القدس ومن العذراء القديسة مريم تأنس " ويقول الكتاب عن المسيح بعد صعوده " الذي فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً " (كو1 :9)، وأيضاً " يوجد إله واحد وسيط واحد بين الله والناس الإنسان يسوع المسيح " (1تي2 :5)، " وبالإجماع عظيم هو سرّ التقوى الله ظهر في الجسد تبرر في الروح تراءى لملائكة كرز به بين الأمم أومن به في العالم رفع في المجد " (1تي3 :16). من هذه الآيات وغيرها يتأكد لنا أن التجسد بدأ من اللحظة الأولى لحمل والتجسد واستمر بعد القيامة والصعود وإلى الأبد. فعندما صعد الرب يسوع المسيح على السماء يقول الكتاب " ارتفع وهم ينظرون. وأخذته سحابة عن أعينهم. وفيما كانوا يشخصون إلى السماء وهو منطلق إذا رجلان قد وقفا بهم بلباس ابيض وقالا أيها الرجال الجليليون ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء. أن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقا إلى السماء‏ " (أع1 :9-11).
فقد قام المسيح بنفس الجسد الذي صلب به وقام به ومن ثم فقد صعد به إلى السماء وجلس به عن يمين الله " ثم أن الرب بعدما كلمهم ارتفع إلى السماء وجلس عن يمين الله " (مر16 :19). وهذا ما يؤكد الكتاب في كل مراحل موت وقيامة وصعود الرب، فيؤكد الروح القدس في سفر أعمال الرسل حفظ جسده دون فساد أو تحلل كما يخرف شهود يهوه ويقول " لان داود يقول فيه 000 لذلك سر قلبي وتهلل لساني حتى جسدي أيضا سيسكن على رجاء لأنك لن تترك نفسي في الهاوية ولا تدع قدوسك يرى فسادا 000 رئيس الآباء داود انه مات ودفن وقبره عندنا حتى هذا اليوم فإذ كان نبيا وعلم أن الله حلف له بقسم انه من ثمرة صلبه يقيم المسيح حسب الجسد ليجلس على كرسيه سبق فرأى وتكلم عن قيامة المسيح انه لم تترك نفسه في الهاوية ولا رأى جسده فسادا " (أع25:2-27) . والملاك يؤكد للنسوة قيامته بنفس الجسد قائلا " ليس هو ههنا لأنه قام كما قال هلما انظرا الموضع الذي كان الرب مضطجعا فيه " (مت28 ؛ مر16 : 6؛لو24 : 6 ) . والسيد نفسه أكد لتلاميذه قبل الصلب والقيامة أنه يضع ذاته للموت بإرادته وأنه سيقوم من الموت بذاته هو هو وبإرادته " لهذا يحبني ألآب لأني أضع نفسي لآخذها أيضا ليس أحد يأخذها مني بل أضعها أنا من ذاتي لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أن آخذها أيضا " (يو17:10،18 ) . وبعد قيامته أكد أنه قام بنفس جسده هو هو، فعندما أراهم الجروح في جسده " جزعوا وخافوا وظنوا أنهم نظروا روحا فقال لهم ما بالكم مضطربين ولماذا تخطر أفكار في قلوبكم انظروا يدي ورجلي أنى أنا هو جسوني وانظروا فان

الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي وحين قال هذا أراهم يديه ورجليه " (لو39:24-40 ) . " ثم قال لتوما هات إصبعك إلى هنا وأبصر يدي وهات يدك وضعها في جنبي ولا تكن غير مؤمن بل مؤمنا أجاب توما وقال له ربي والهي " (يو24:20-28 ) .
كما أكل وشرب أمامهم " وبينما هم غير مصدقين من الفرح ومتعجبون قال لهم أعندكم ههنا طعام فناولوه جزءا من سمك مشوي وشيئا من شهد عسل فاخذ وأكل قدامهم " (لو40:24-43) . ويتذكر القديس بطرس ذلك فيما بعد فيقول " هذا أقامه الله في اليوم الثالث وأعطى أن يصير ظاهرا ليس لجميع الشعب بل لشهود سبق الله فانتخبهم لنا نحن الذين أكلنا وشربنا معه بعد قيامته من الأموات " (أع40:10-41) .
كما أكد السيد نفسه بصورة قاطعة أنه قام بجسده وأنه ظهر لتلاميذه بجسده الممجد وأنه ليس مجرد روحا عندما ظن تلاميذه أنهم رأوا روح وقال لهم " انظروا يدي ورجلي أنى أنا هو جسوني وانظروا فان الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي " (لو24:39) . وظهر السيد بعد قيامته لأعداد كبيرة من تلاميذه ورسله أكثرها عندما ظهر لأكثر من 500 أخ دفعة واحدة (1كو6:15) . وبعد قيامته وصعوده إلى السموات يقول الكتاب عنه " فانه فيه يحل كل ملء اللاهوت جسديا " (كو2 : 9) . " لأنه يوجد اله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان يسوع المسيح " (1تي2 : 5) . وهنا يؤكد الكتاب اتحاد لاهوته بناسوته (جسده) اتحادا أبديا وأن وساطة المسيح كالإله المتجسد تتم على أساس إنسانيته " الإنسان يسوع المسيح " .
كما أكد ذلك آباء الكنيسة حيث يقول القديس أغناطيوس تلميذ بطرس الرسول في رسالته إلى سميرنا " لأني أعرف وأؤمن أنه (يسوع) كان في الجسد حتى بعد القيامة. ولذلك قال لبطرس والذين معه عندما دنا منهم " المسوني وجسوني وأعلموا أنني لست خيالا بل جسداً " (لو39:24) . وفى الحال لمسوه وآمنوا واتحدوا بجسده وروحه ، فاستهانوا بالموت وانتصروا عليه . وبعد قيامته أكل وشرب مثل البشر لكنه كان متحدا مع ألآب في الروح " .
وقال يوستينوس الشهيد في كتابه ( في القيامة ف 9 ) ؛ " لماذا قام ( يسوع ) في الجسد الذي تألم فيه إلا لكي يبين قيامة الجسد ؟ ولكي يؤكد ذلك ، فعندما لم يتيقن تلاميذه عما إذا كان قد قام بالجسد حقا وكان ينظرون إليه بشك قال لهم " أليس لكم إيمان ، انظروا أنا هو ؛ " ثم تركهم يلمسوه وأراهم أثار المسامير في يديه ، وعندما تأكدوا بكل البراهين أنه هو نفسه في الجسد ، سألوه أن يأكل معهم ليتأكدوا بدقة أنه قام حقا بالجسد ؛ فأكل معهم شهد عسل وسمكاً . وعندما فعل ذلك أراهم أنه توجد قيامة حقيقية للجسد ، ولكي يبين لهم أيضا أنه ليس مستحيلاً على الجسد أن يصعد إلى السماء " .
وقال إيريناؤس أسقف ليون وخليفة تلاميذ الرسل " قام المسيح في جوهر الجسد وكشف لتلاميذه عن علامة المسامير والفتحة التي في جنبه " .
وهذا كله يؤكد بشكل قاطع على استمرار التجسد إلي الأبد *

» هل الناسوت متحد باللاهوت حتى الآن ؟ وما هي طبيعة هذا الاتحاد الآن ؟